معركة الفريجات مع الأحتلال البريطاني ( معركة المشاحيف )

معركة الفريجات مع الأحتلال البريطاني

من المذكرات البريطانية عن فترة الأحتلال البريطاني للعراق هي من دار الوثائق البريطانية و من مذكرات الجنرال ( تاوزين ) اقوم بترجمة دقيقة لهذه المذكرات بما يخص عشيرتي ( الفريجات ) و أترك بقية الكتاب لحقات أخرى - - فقط للأمانة سبق و ان ترجمت هذه المذكرات و بشكل سئ جدا أسقط الكثير - بشكل متعمد - اسم الفريجات و دورهم الكبير في هذه المعركة و أوردوا بعض المختطفات السريعة بأسم عرب الأهوار و ليس ( الفريجات ) كما وردت نصا" في المذكرات - - كما و أغفلوا أسم الشيخ ( عبيد الفريجي ) الذي قاد عشائر الفريجات بهذه المعركة و اوردوا ذكر فقط ( عريبي الوادي ) و ابن أخيه مجيد الخليفة و كأن العملية مقصودة رغم ان المعركة حصلت في هور الفريجات و مباشرة مع عشيرة الفريجات اما بقية العشائر من ( البومحمد و البزون و السواعد و النوافل ) فقط أنضموا الى المعركة بوقت لاحق - - لكن الصدمة الأولى و الطلقة الأولى كانت بأتجاه الفريجات - -و الرد الأول كان من الفريجات و ليس من ( عرب الأهوار ) كما قاموا بترجمته بشكل خطأ او بشكل مقصود - -


يقول tawzon ( الجنرال تاوزن ) في مذكراته كان الجيش البريطاني قبل أن يخوض غمار أية معركة يستطلع المنطقة بعملية مسح جغرافي و ديمغرافي و بعد ان وصلنا الى مدينة العمارة قمنا بهذا الأستطلاع فوجدنا ان انسب منطقة لأخضاع هذه المدينة هو مباغة القوات التركية من الأهوار - - و كان المكان المخصص للأنزال بقيادتي في منطقة تدعى ( أبو عران ) و هي منطقة تابعة لعشيرة تدعى ( الفريجات ) و ارسلنا بعض الأشارات الى شيوخ هذه العشيرة ذات الطابع القبلي و التقاليد الأصيلة هذه الأشارات تتضمن الرشى و المغريات التي قدمناها لهم لغرض أستمالتهم مثل المال و السلاح و العتادة و المؤن لكنهم رفضوا التعاون معنا تماما و هددونا بحرب شعواء اذا اقتربنا من هور ابو عران - - كانت هذه الرشى أحدى الوسائل التي نقدم عليها قبل المعارك لتسهيل المهمة
بعد ان أجتاحت القوات البريطانية البصرة و المدينة عام 1914 -- قرر الجيش العثماني أسترجاعهما بثلاثة محاور فشل منها محوران و ظل محور واحد هو محور الهور في اواخر عام 1915 :


المحور الثالث: معركة الفريجات او معركة مشاحيف الفريجات و سمت (معركة
المشاحيف) بعد ان تم أسقاط أسم الفريجات سهوا او تعمدا
يقول ( الجنرال تاوزند ) بعد ان يئسنا من أستمالت عشائر الفريجات الى جانبنا كما فعلنا بعشائر ( بني كعب و شيخهم خزعل ) قررنا الاستعانة بعشائر أخرى و لكن كان الجميع متفقون على الحرب ضدنا و التحالف مع العثمانين لأسباب دينية و عقائدية - - عند المساء حيث السماء صافية و الطيور الملونه كانت غافية على ضفاف الهور أمرت بأطلاق النار بأتجاه عشائر الفريجات لأخافتهم - - فكان الرد قاسيا علينا فلم يوقفوا تبادل النيران حتى الصباح و بعد ان خشيت أن تقع قواتي بين فكي الكماشة ( عشائر الفريجات و العشائر المتحالفة معها من جهة الهور و الجيش العثماني من جهة العزير ) أمرت بوقت أطلاق النار
الساعة 9 صباحا كان الوضع هادئ تماما طلبت من الضباط أن يرسلوا بعض الجنود الى عمق الأهوار لمعرفة عمقها الحقيقي و قد وصل الى 6 يارد حيث جاءت التقارير الاستخبارية بان الاتراك في مواقع حصينة يسندهم عرب الهور بمشاحيفهم المدببة والسريعة ولا يمكن اختراقها، فتأجل الهجوم شهرا كاملا، كما قمنا بتغيير خطة الهجوم وذلك بصنع 328 مشحوفاً مصفحا يسع كل واحد منها 5 الى 9 جنود ودربنا جنودنا و كتائبهم على كيفية الركوب بالمشحوف واستخدام المردي الغرافة والسير في الاهوار، وعلى كل مشحوف ان يزود بالرشاشات والمدافع الخفيفة وتكون في مقدمة القطاعات العسكرية.
بعد مرور شهر من التدريبات الشاقة و المناوشات المتقطعة بيننا و بين عرب الهور
وكانت بامراتي خمسة زوارق حربية مرابطة في نهر دجلة ومزودة بالمدفعية الثقيلة، ، اما الجيش التركي بقيادة(حليم بك) فقد تخندق في التلال الرملية جنوب العزيز شرق اهوار (أبو عران) ومعهم ستماتة مسلح عربي والف ومائتا مقاتل من عرب الاهوار الاشداء بمشاحيفهم المدببة بقيادة العراقي (تحسين العسكري) وكان الشيخ (عريبي الوادي) شيخ عشائر آل بو محمد قد امر ابن أخيه (مجيد الخليفة) بارسال خمسمائة مشحوف وثلاثة الاف مقاتل من عرب اهوار المجر الكبير لتعزيز قوة أبو عران بينما سار ( الشيخ عبيد الفريجي ) ب 300 مقاتل من عشائر الفريجات بمحاولة ألتفات على الجيش البريطاني فاتخذوا من غابات القصب والبردي مركز انطلاق للتعرض على الجنود البريطانيين وقتلهم والسيطرة على اسلحتهم، حيث سببوا ازعاجاً للقوات البريطانية و لا يخلو يوم ألا و سقط لدينا قتيل او أثنان او عدد من الجرحى - - و هذا ما فعله أيضا مجيد الخليفة في الجهة المقابلة و قد أمرت القادة البريطانيون باستطلاع المنطقة ،و تسيير دوريات معززة بالطائرات الحربية لأستكشاف المنطقة و تحديد مواقع المقاتلين في الأهوار - - أنها مهمة شاقة للغاية لأن البردي يشكل موانع طبيعية يصعب علينا أكتشافهم خصوصا أن لديهم أساليب و معرفة كاملة بالمنطقة فهي منطقتهم - - لن يكون الأمر سهلا أبدا --
في مساء هادئ قبل بدء الهجوم الذي بدأ رسميا اليوم الأول من الشهر السادس عام 1915 و عند الساعة 5 عصرا أمرت الضباط للحضور لأجتماع عاجل للتحضير للهجوم الكاسح على الأهوار و التلال الرملية التي يختبأ خلفها الجيش العثماني بقيادة ( حليم بيك ) و بدأنا بمناقشة الخطة و قد أستقر الأمر ان نبدأ بصباح اليوم الأول من الشهر السادس عام 1915 و كانت الخطة تقتضي شنّ هجوم مباغت على عرب الأهوار اللذين أجتمعوا بجموع كبيرة جدا بمشاحيفهم في هور الفريجات و يدعى ( أبو عران ) و على تلال العزير التي يختبأ خلفها الجيش العثماني - - و في تمام الساعة 6 من صباح اليوم الأول من الشهر السادس فاجأنا الاتراك بهجوم كاسح من البر والنهر والاهوار، في حينها كان عرب الاهوار على غفلة و لم تعط الفرص للأتراك لتحذيرهم و لم يكونوا يعرفون بالهجوم، فثارت المدفعية الثقيلة من الزوارق الحربية البريطانية لاسناد المشاحيف البريطانية والمشاة وصبت نار حممها على اهوار الفريجات او (أبو عران) والتلال الرملية اي موقع الاتراك في العزير ، ودارت معركة ضارية اشترك فيها الطيران البريطاني لاول مرة فكان عرب الاهوار ينزلقون بمشاحيفهم كسمك القرش ويقتلون الجنود البرطانيين بالرغم من نيران المدفعية الكثيفة والتي هشمت مشاحيفهم واحرقت غابات القصب والبردي، اما الجنود البريطانيون فاخذوا يتساقطون غرقا في مياه الاهوار من التعب والاعياء الذي اصابهم وحرارة الجو، فأصبحت جثثهم طافية في مياه الاهوار وزوارقهم محطمة واختلطت بجثث ومشاحيف عرب الاهوار الصامدة ودامت المعركة يوماً كاملاً و الغريب في هذه المعركة هو صلابة و قوة العشائر الصامدة في هور الفريجات و بسالتهم حيث وصل الأمر بهم ان يستخدموا السلاح الأبيض ضد أقوى جيش بالعالم و لم يخافوا ولم يهربوا رغم ان المدفعية البريطانية قد هشمت مشاحيفهم تماما و لكن الاشتباكات تواصلت داخل الهور بالرصاص و السلاح الأبيض - - ان صلابة و شجاعة عشائر الهور كانت مثار أعجاب و دهشة لي و للقوات البريطانية هذا اذا عرفنا ان الجيش العثماني قد هرب في الساعة الأولى من بدء المعركة و استسلم غالبية جنوده و على رأسهم ( حليم بيك ) - -لكن ظلت عشائر الأهوار تقاتل ببسالة صامدة منذ الفجر الى الساعة السابعة مساء تقاتل وحدها و قد ألحقت بنا خسائر كبيرة حيث ظلت جثث جنودنا طافحة في الهور لمدة 3 أيام - -

و ترك الأتراك مواضعهم و هربوا الى عمق العزير و كانت لهم سفينتان أغرقنا واحدة و أستسلمت الأخرى أما ما تبقى من الأتراك فسقط بين قتيل و جريح و من سلّم نفسه - - أما في هور الفريجات ( أبو عران ) بقي القتال مستمر و دون هوادة بيننا و بين عرب الأهوار و بشراسة - - أنهم يرفضون الأستسلام او الهرب و يقاتلون بأستماتة غريبة - - أنهم يعتقدون حسب ديانتهم ( الأسلام ) ان من يدافع عن أرضه - - يكون شهيدا و ليس قتيلا - - أنها عقيدتهم و اننا في ورطة كيف سننتصر على قوم يسعون الى الشهادة - - ملآت مياه أبو عران بالجثث من الجانبين و غصت بالمشاحيف المحطمة و المحترقة - -كنت أراقب المعارك و أديرها من أعلى سارية في السفينة و قد أسمت هذا الموقع بعش الغراب - -لم ينقطع عني أتصالات ( الجنرال نكسون ) أبلغته بالموقف بأندحار الأتراك و بقي في المعركة فقط العرب و أنهم مستميتون في الدفاع عن أرضهم -- أمر نكسون بألقاء المنشورات عليهم و بث الدعاية عن طريق الطائرات لأقناعهم بهروب الأتراك و أستسلام ( حليم بيك ) و هي فكرة رائعة نفذتها فورا - - عندها أنسحبت عشائر الأهوار الى أقصى نقطة يستطيعون اللجوء اليها بعد أن تيقنوا من هروب الأتراك و أستسلام قائدهم - - لم أعط أوامر بقصفهم بالطائرات خشية عودتهم الى المعركة و تابعنا قصفنا الى قلعة صالح من خلال مدافع السفن و الطائرات و ما هي الآ ساعات حتى أستسلم ( متصرف القضاء ) و ساد الهرج و النهب في المدينة و تمت السيطرة على مدينة العمارة بعد 3 أيام من المعارك الدامية و التي كشفت عن جبن الأتراك و هزيمتهم و شجاعة العشائر العربية و صمودها الأسطوري بوجه أقوى جيوش الأرض - - أما المقاتلون العرب فقد أبتعدوا كثيرا جدا في أقاصي الأهوار و كانت الأوامر عدم اللحاق بهم خشية معركة أخرى لا نعرف عواقبها
- -----------------------------------------------------------------------------------
أنتهت معركة الفريجات او معركة المشاحيف حسب مذكرات القائد البريطاني ( تاوزند ) و بعض وثائق - دار الوثائق البريطانية
مرة أخرى - - هذه المذكرات سبق و أن ترجمت و لكن بشكل سئ جدا جدا لم يتوخى الأمانة و الدقة و المهنية في ترجمة اللفظ و نقله بحرفنه و ثقافة -- و قد ابخس المترجم السابق حق عشيرة الفريجات بل و حق عشائر الأهوار بعدم نقله النص بأمانة -- لذلك أثرت أعادة ترجمته و بأمانة تامة لنترك أرثا جميلا للأجيال القادمة ليفخروا به عن مأثر أجدادهم -- و الله ولي التوفيق -- ( و قل أعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون )
د- رسول الفريجي

الأستاذ الدكتور رسول كشكول الفريجي
هذه حقائق لم يسمع عنها أحد طواها الإهمال والنسيان المسيس ضد عشيرة الفريجات.
والحمد لله وجدت هذه العشيرة فيك ولدا بارا وباحثا خبيرا في الأنساب والتأريخ تكتب بأمانة وحرفية وصدق لتنشر هذه الحقائق وترجمتها من مصادرها الأصيلة ..
جهد تشكرك عليه جميع عمامك الفريجات.
لك مني قبله حارة بحراحة قلبي لموضوعك الرائع.
دمت بعز وسؤدد.