مسكين الدارمي
عدد المساهمات : 180 نقاط : 341 تاريخ التسجيل : 15/11/2011
| موضوع: القائد الخادم / بقلم أ- د خضير كاظم حمود الفريجات الأحد يناير 15, 2012 3:01 am | |
| القائد الخادم ! --------------------- بقلم: أ. د. خضير كاظم حمود الفريجات -------------------------
للوهلة الأولى يبدو الأمر غريباً حينما تقول إن القائد خادم, لكن الحقيقة الموضوعية التي تتجلى من خلال ذلك تجعل هذا المفهوم أكثر تجسيداً لحقيقة القيادة ودورها في تحقيق أهداف المنظمات الإنسانية العاملة, إن الأمريكيين والأوربيين يقولون: The first responsibility to the leader to clarify the goals to his subordinates, finally to tell them thank you, in between he is as a servant.
يتضح ذلك بجلاء من خلال ترجمة هذه المقولة الشائعة الاستخدام في الفكر الأمريكي والأوربي, وهي أن المسؤولية الأولى للقائد هي لغرض توضيح الأهداف للعاملين معه, وفي النهاية يشكرهم على الأداء المنجز وهو ما بين هاتين المهمتين يعمل معهم كخادم. إن هذا المفهوم الشائع الاستخدام في الفكر الأمريكي والأوربي للقائد كخادم, عادة ما نجد له مرادفاً للاستخدام في تاريخ الفكر العربي قديماً, فإن المثل العربي يقول (كبير القوم خادمهم) وهذا ما يتوافق مع الفكر الإداري المعاصر, لكن العقول التي لا ترقى إلى هذا المستوى من التفكير حاولت أن تطمس معالم هذا المثل السليم من خلال القول (صغير القوم خادمهم) وهذا الفهم القاصر لا يتوافق مع حقيقة القيادة وتأكيدها بأن أكثر القادة قدرة على تحقيق إنجاز الأهداف التي يُرجى بلوغها هو أكثرهم انسجاماً مع مفهوم (كبير القوم خادمهم) لا صغيرهم. إن المفهوم العلمي المعاصر لكلمة القائد يركز على أن القيادة تمثل (القدرة أو القابلية التي يستطيع من خلالها الفرد توجيه جهود الآخرين نحو تحقيق الهدف المراد إنجازه بكفاءة وفاعلية), لذا نجد هذا المفهوم يركز على المسلمات الآتية:
1. القدرة أو القابلية التي يمتلكها القائد وهذه تتمثل في ثلاث مهارات أساسية ينبغي على القائد أن يمتلكها وهي: أ. المهارات الفكرية وتتضمن جميع المهارات الفكرية (العقلية) التي تمثل الفكر المنفتح المتفاعل مع الجوانب التي تتطلب المعالجات السديدة للمشاكل والتعقيدات والتحديات التي تواجه المنظمة كلها, وكيفية الترابط بين الأجزاء المختلفة لتلك المنظمة بحيث يتعزز في ذوي المهارات الفكرية القدرة على رؤية المشاكل وتحديدها بدقة ووضوح لكي يتسنى من خلالها جمع المعلومات وتحليلها, ثم اتخاذ القرارات القادرة على المعالجة لتلك المشكلات, وإجراء التحسينات بروح إيجابية هادفة, وتعدّ هذه المهارات من أكثر المهارات المطلوبة للقائد الإداري الفعال, فالقائد لا بد أن يمتلك القابلية الفكرية والذهنية القادرة على استشراف آفاق المستقبل وما ينطوي عليه من تحديات كبيرة تتطلب الإمكانية العالية للتفاعل مع المستقبل وما يفرزه التطور الإنساني من تغيرات وتحديات تتطلب الرؤية الثاقبة من القيادة الواعية. ب. المهارات الإنسانية وتتضمن جميع المهارات الإنسانية والقابليات التي يجب أن يتسم بها القائد في التعامل مع الفرد أو الجماعة العاملة على حد سواء, بحيث يستطيع أن يتواصل مع العاملين من خلال التوجيه والتحفيز وسبل الاتصال الفعالة وغيرها من الأنشطة الكفيلة بخلق أجواء التفاعل الإيجابي في الوسط الاجتماعي, وزرع روح المودة والثقة والتواصل والتفاعل وغيرها من الأساليب الإنسانية التي تجعل من القائد قادراً على الاندماج بالجماعة مبدعاً أبعاداً من التماسك ومحققاً أهدافهم الذاتية وأهداف المنظمة التي يعمل فيها. إن المهارات الإنسانية تعد من أكثر المهارات المطلوبة للقائد الذي يسعى بشكل فعال في تحقيق أهداف المنظمة التي يعمل فيها علماً بأن القائد يعمل في وسط اجتماعي، ولكي يحقق ما يصبو إليه لا بد أن يمتلك المهارات الإنسانية التي تجعل الأفراد العاملين معه يرغبون في إنجاز أعمالهم باندفاع عالٍ بسبب الدور الإنساني الذي يتصف به القائد, فالتحفيز والاتصال الفعال والتعامل البنّاء يعد من أكثر السبل تأثيراً في تحقيق ذلك. ج. المهارات الفنية وتمثل جميع المهارات الفنية من معارف وتخصصات مهنية في ميدان معين من التخصصات التقنية كهندسة الكومبيوتر (الحاسوب) أو التصنيع أو المحاسبة وغيرها من التخصصات والمعارف المطلوبة لإنجاز الأداء المعين, فالقائد لا بد أن يمتلك إحدى المهارات التخصصية في مجال المنظمة التي يعمل بها لأن هذا يعزز دوره في قيادة الآخرين داخل المنظمة, وتكمن أهمية توافر هذه المهارات في مختلف المستويات القيادية في المنظمة, خصوصاً وأنها تؤدي دوراً كبيراً في قدرة القائد على إنجاز الأهداف المطلوبة من خلال توجيه الآخرين نحو تحقيق الأهداف.
2. توجيه جهود الآخرين نحو الهدف المراد إنجازه وهذا يتطلب أن يمتلك القائد وفقاً للمهارات المذكورة سابقاً القدرة في توجيه الأفراد العاملين معه لتحقيق الهدف أو الأهداف المطلوب بلوغها, لذا فإن البعد الإنساني يشكل أثراً فعالاً في هذا المجال، فالدور الذي ينبغي أن يضطلع به القائد يؤثر في توجيه الجهود المختلفة للعاملين نحو الهدف المطلوب, وقبول الأفراد العاملين للقائد ورغبتهم في التفاعل معه بروح إيجابية هادفة تجعل السبل القيادية في التوجيه أكثر تأثيراً في تحقيق الأهداف المراد إنجازها.
3. تحقيق الأهداف بكفاءة وفاعلية وهذا ما يدعو القائد إلى أن يكون ذا قدرة كبيرة على إنجاز الأهداف المراد تحقيقها للمنظمة من خلال بعدي الكفاءة والفاعلية, حيث إن الكفاءة تعني القدرة التي يتم من خلالها ترشيد الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة للمنظمة, فالموارد المتوافرة لدى المنظمة عادة ما تتسم بالندرة النسبية التي تتمثل بالمواد الأولية والمعدات والمكائن والقوى البشرية والموارد المالية والمعلوماتية, فالمنظمة مهما امتلكت من هذه الموارد فإنها تبقى بحدود الندرة النسبية, لذا فإن قدرة القائد على تحقيق الكفاءة في استخدام هذه الموارد, تتطلب منه أن يكون قادراً على توجيه الأفراد وقيادتهم بروح إنسانية فعالة في استخدام هذه الموارد وترشيدها بالشكل الذي يقلل من الهدر والضياع وعدم المبالاة في استعمالها. والفاعلية تعني القدرة على إنجاز الهدف أو الأهداف المطلوبة وهذا ما يعزز الدور الإنساني الذي ينبغي أن يتسم به القائد في تحقيق أهداف المنظمة. إن هذه المواصفات أو السمات التي يتحلى بها القائد لا يمكن لها أن تحقق المطلوب إلا إذا كان عمله مع الآخرين كخادم لهم في بلوغ الأهداف المطلوب إنجازها, لذا لكي تكون قائداً فعالاً لا بد أن تخدم من تقود ليتم قبولك وأنت تقودهم في إنجاز المهام التي تريد تحقيقها. ------------------------------------------------
| |
|