من حكايات فلاحي الاهوار الدوشة لصيد الطيور

والدي فهد عيسى الفريجي رحمه الله كان من جيل نهاية القرن الثامن عشر ومطلع التاسع عشر وكان فلاحا قويا وشجاعا معروف لدى من يعرفه وبسبب الاقطاع اللعين واخذه لحق الفلاح لابد له ان يجد منفذ مساعدة لعائلته فكان صيادا ماهرا للطيور الحرة وتختصر والدتي رحمها الله نشاطه بقولها لا يمر يوما الا ولدينا غموس (الاكل من لحم الطيور او السمك)ونختلف عن كثير من الفلاحين الذين لا نشاط لهم اخر وهناك قسم مثلنا ولكن والدك كان الانشط والاوفر حضا بالصيد ونفسه طيبة يعطي للعوائل الاخرى التي لا يصيبها حظ بالصيد وتعطي والدتي توضيحا لطريقة صيد الطيوروكالاتي:
طريقة صيد الطيور تتم بالدوشة والدوشة ان تبني بنية(بكسر الباء)صغيرة وفيها رازونة صغيرة(ثقب للمراقبة) قرب المستنقعات الغير عميقة وتنشر شبكات الصيد بمساحة واسعة ويطش عل المساحة الطعام حتى ان صفاء الماء يجعل ارش الشلهة(الماء غير العميق) واضحا ويتم الصيد ليلا يذهب الصياد
ويخفي نفسه ولا يشرب السكائر واحسن الصيد في الليالي القمرية وينتظر الصياد الى ان تاتي موجات الطيور(جوكات) وتحط بهذه المستنقعات لتاكل الطعام والصياد يراقب الوضع وقربه حبل الجذب ليضيق الخناق على الطيور ولا يدع لها منفذ للهروب اي ان عملية الصيد بالشباك عند جذب الحبل واخذ الطول منه من قبل الصياد يجعل الفتحة الواسعة مثل عنق الزجاجة صعب الخروج منها
وهكذا يخرج عليها الصياد ويبدا بذبحها ويكون وقته بعد منتصف الليل قبل ظهور الضوء ويعود الصياد صباحا محملا بالطيور الحرة مثل الخضيري والمسك هناك انواع اخرى لا اتذكرها ممكن من يقرا الموضوع يضيفها ويبدو ان العملية تتطلب شجاعة فائقة تصور تنام قرب مستنقع لا يوجد قربك احد وفي الهور وكما تقول والدتي ان الطيور الحرة تشتم حتى ريحة الانسان(بنادم على قولها)
وكذلك السكائر وعليه مسافة حبل الجذب على اليابسة يجب ان لا تدركه الطيرة وكذلك تحتاج العملية الى قوة لحمل الشباك المحيوكة والحبال والصيد ثم العودة مثل فينيسيا بالبلم وعملية الدفع بالبلم والجذف به تحتاج لجهد وهكذا تبدا فرحة العائلة بالشوي

وكما تعلموا ان الخبز يصنع من طحبن التمن(السياح) والطبقات الثخينة من العجين يصنع منها الطابك الذي توضع اقراص النار فوقه وتحته لاعداد الوجبه الشهية لعمري احسن من حياتنا هذه
رغم الفقر والاقطاع واتمنى ان يضيف من لديه معلومات عن الدوشة
واقول لشجاعة والدي رحمه الله:
انت الشجاعة بعينها والجود والكرم

انت عقال الراس والتاريخ والنعم

انا بوصفك يا ابتي عاجزاو مقصرا

والطير شاهد على سعيك في القمم

يبكيك رغم قسوتك عليه ناعيا

موتك وجفاف اهوار العمارةوالعجم

تمربك طيور الحر جائعةبطونها

وانت تلوم نفسك بذبحهاوتندم

لكن زغب الحواصل بانتظارك جائعة

من اقطاع بقسوة اليهود لا يرحم

فضحكة طفلك تخفف روعتك بصيدها

وتطلب الرحمة والغفران يا شهم

لذا تنعاك الطيور الان جميعها

فانت الحر مثلها للاطفال والبلسم

انا لم اتذكرك لموتك مبكرا

لكن الماثر والتاريخ لا يثلم

تحية من ولدك بعد عقود يقولها

لانك رمز الجد والشجاعة والكرم